فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥) وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ (١٦)
____________________________________
على المقصود.
[١٦] ثم إن يعقوب سلم للأمر وأرسل يوسف معهم (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ) بيوسف (وَأَجْمَعُوا) أي عزموا جميعا ، يقال : «أجمع» إذا عزم (أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ) في قعره ، وجواب «لما» محذوف تقديره «فعلوه» (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) إلى يوسف وهو في الجب (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ) أي تخبرن إخوتك (بِأَمْرِهِمْ هذا) بعد ما تنجو من البئر وتصبح ملكا ، ويأتوك إخوتك لأجل الطعام ، تحكي لهم القصة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) في ذلك الوقت أنك يوسف. وقد ذكر سبحانه في آخر السورة قول يوسف لأخوته ـ وهم جاهلون بأنه يوسف ـ ((هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) (١)؟.
[١٧] ولما طرحوا يوسف في البئر ، تأخروا في الرجوع إلى المدينة حتى يأتي الليل فلا يظهر على وجوههم آثار الكذب (وَجاؤُ أَباهُمْ) أي رجعوا إلى أبيهم يعقوب (عِشاءً) أي وقت العشاء ، وذلك بعد ساعة من الغروب تقريبا (يَبْكُونَ) وإنما أظهروا البكاء ليوهموا أنهم صادقون في قولهم ، فإن البكاء لا يكون إلا عن حرقة القلب التي تلازم الصدق غالبا ، لكن البكاء قد يكون اصطناعا ، وإن جرت الدمعة. وكان بكاء الأخوة هكذا.
__________________
(١) يوسف : ٩٠.