قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ (١٧) وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ
____________________________________
[١٨] ولما رأى يعقوب بكاءهم ، فزع وقال : ما لكم؟ (قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ) أي نتسابق في العدو لننظر أينا أقدر على العدو والركض ، وأينا يسبق أصحابه ، من «استبق» بمعنى تسابق (وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا) أي رحلنا وبضاعتنا ، لأنه صغير لا يقدر على العدو ، وليحفظ رحلنا (فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ) وافترسه (وَما أَنْتَ) يا أبانا (بِمُؤْمِنٍ) أي بمصدّق (لَنا) لكلامنا (وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) ومن عادة الكاذب أن يبرّر كذبه بمثل هذه التأكيدات ، كما قال الشاعر : «كاد المريب أن يقول خذوني».
[١٩] (وَجاؤُ) جاء الأخوة (عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) جاءوا أباهم ومعهم قميص يوسف ملطخا بدم مكذوب ، فقد ذبحوا جديا ولطخوا قميص يوسف بدمه ، حيث أنهم لما ألقوه في البئر جرّدوه من ثوبه وألقوه في البئر عاريا.
وإنما جاء ب «على» لأن المعنى : «جاءوا على القميص بالدم» ، أي صبّوا عليه الدم ، هذا بناء على أن «جاء» يراد به المجيء على القميص ، لا المجيء نحو الأب ، وإنما يستفاد الثاني من السياق ، وأما لو أريد من «جاءوا» المجيء نحو الأب كان اللازم تقدير ، حال مثل «صابّين» ونحوه. «وكذب» مصدر أقيم مقام الوصف ، أي «مكذوب فيه» ، وإنما جاء بالمصدر للمبالغة ، كقولك : «زيد عدل».
ولما نظر يعقوب إلى القميص عرف أنهم كاذبون في قولهم وأنهم