قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (١٨)
____________________________________
إنما دبروا له مكيدة ، ولذا توجه إليهم و (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) أي زيّنت لكم أنفسكم الحاسدة ليوسف مكيدة دبرتموها.
وقد روي : أنه عليهالسلام لما رأى القميص وليس به آثار الشق ، علم أن الذئب لم يأكله فإن الذئب إذا أكل إنسانا مزّق ثيابه. قال الصادق عليهالسلام : لما أتي بقميص يوسف إلى يعقوب قال : «اللهم لقد كان ذئبا رفيقا حين لم يشق القميص» (١).
فأمري في هذا الفراق (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والإمامين الباقر والصادق عليهماالسلام : «إن الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه إلى الخلق» (٢) (وَاللهُ الْمُسْتَعانُ) به ، من «استعان» بمعنى : طلب العون (عَلى ما تَصِفُونَ) أي على دفع ما تصفونه من هلاك يوسف.
وقد يقال : أنه كيف يوصف الصبر بالجميل ، مع أنه عليهالسلام بكى حتى ابيضت عيناه؟ بل كيف يمكن للنبي أن يكون له مثل هذه العلاقة بالأولاد مع أنه يرى عظمة الله وثوابه؟ وقد يقال مثل ذلك في بكاء آدم عليهالسلام والصديقة الطاهرة عليهاالسلام والإمام السجاد؟
والجواب : إن هذا النحو من البكاء والتوجّع كان له نوعا من التبليغ والإرشاد لم يكن يؤدى إلا بذلك ، فقد كان بكاء آدم عليهالسلام
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٢ ص ٢٩٩.
(٢) الكافي : ج ٢ ص ٩٣.