وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ
____________________________________
إرشادا إلى وقع الخطيئة ـ ولو كانت ترك الأولى ـ وبيانا لما للجنة ورضا الله سبحانه من أهمية كبري حتى أن فراقها والدخول فيما لا يرضيه سبحانه ـ ولو لم يكن عصيانا ـ يوجبان هذا النوع من البكاء.
وفي قصة آدم ، ما أجدر البكاء ولو ألف سنة لسخط الله العظيم الذي له كل شيء وبيده كل شيء .. وبكاء يعقوب كان تنفيرا لمثل هذا الاجرام الجماعي وإرشادا عمليا لما للحسد من الوقع السيئ على الحاسد والمحسود والمجتمع ، وإن مثل هذا التنفير العملي من أقوى أقسام الإرشاد والهداية .. وكذلك بكاء الصديقة الطاهرة والسجاد عليهماالسلام كان تنفيرا عمليا لأعمال الغاصبين والسفاكين ، وإرشادا إلى عظمة المعزّى له ، الموجب لالتفات الناس حولهم فيستضيئون بأنوارهم ويهتدون بآثارهم.
[٢٠] رجع الأولاد إلى أبيهم وتمت القصة هنا ، لتبتدئ بحال يوسف في الجب ، فقد ذكر المفسرون أن البئر كانت ذات ماء ولما طرحوا يوسف فيها أوى إلى صخرة كانت في ثناياها. وقد روي أن جبرائيل عليهالسلام هو الذي أخذه ، وشاء الله سبحانه أن يطعمه في البئر ، وهناك بقي ثلاثة أيام (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ) أي قافلة تسير كثيرا ، فإن «سيارة» صيغة مبالغة ، والقافلة تسمى بهذا الاسم لسيرها كثيرا في الأرض (فَأَرْسَلُوا) أي أهل السيارة (وارِدَهُمْ) الذي يرد الماء ليستقي منه للقافلة ، حتى يأتي إليهم من تلك البئر ـ التي فيها يوسف ـ بالماء (فَأَدْلى) الوارد (دَلْوَهُ) أي فأرسل دلوه في البئر ليأخذ الماء ، فتعلق يوسف بالدلو. وروي أن جبرائيل عليهالسلام هو الذي جعل يوسف في الدلو ، بدل الماء ، ولما أن أخرج الوارد الدلو ، رأى غلاما جميلا فيه ، عوض الماء ، فدهش من