وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢١) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢) وَراوَدَتْهُ
____________________________________
تمكن منه ، لا يتمكن أحد على دفعه عن مراده ولا يعجزه شيء (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) وهذا يناسب المعنى الثاني ، فإن الناس غالبا ينظرون إلى المقدمات التي ألفوها فلا يرون النتائج التي يريدها الله سبحانه ، لكنه تعالى يفعل ما يشاء مما لا يظهر للناس بل يخفى عليهم.
[٢٣] ولهذا بقي يوسف هناك منفردا مكرما (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) بأن اكتمل شبابه وقوته ، و «أشد» جمع لا واحد له ـ كما قيل ـ (آتَيْناهُ) أعطيناه (حُكْماً) حكمة يعرف بها مواضع الأشياء وموارد الأمور ومصادرها ، فكأنه يحكم على الأشياء حسب موازينها اللائقة بها (وَعِلْماً) وهو العلم بالأشياء. ومن المعلوم أن العلم بالشيء غير الحكمة ، فرب عالم غير حكيم ، ورب حكيم غير عالم. ولعل تقديم «الحكم» على «العلم» لما في الحكم من الأهمية ولذا نرى كثيرا من العلماء لا حكمة لهم ، ولذا لا ينجحون في الحياة (وَكَذلِكَ) كما جزينا يوسف عليهالسلام على صبره وعلى المصائب التي وردت عليه (نَجْزِي) سائر (الْمُحْسِنِينَ) الذين يحسنون في العقيدة والعمل. وهل المراد بقوله «آتيناه» الرسالة ، أو زيادة فيها؟ احتمالان.
[٢٤] وإذ قد انتهت مرحلة امتحان يوسف الأولى ، جاء دور المرحلة الثانية ، وقد كانت أصعب من الدور الأول ، وقد جرت سنة الله سبحانه على امتحان الأنبياء بأشق أنواع الامتحان ، حتى يصلوا لأخذ زمام المجتمع ، وينالوا المراتب السامية (وَراوَدَتْهُ