وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ (٥)
____________________________________
ثلاث ، البيان والترك ، واللطف الخفي والخذلان ، والإيصال إلى المطلوب وهي الجنة وعدم الإيصال ـ كما بين ذلك في علم الكلام ـ (وَهُوَ) سبحانه (الْعَزِيزُ) الغالب القاهر ذو العزة والعفة ، فهو قادر على الهداية والإضلال (الْحَكِيمُ) يفعل كل ذلك حسب الحكمة والصلاح ، فمن أبى الهداية تركه في ظلمات الضلال ، ومن رغب فيها أخذ بيده درجة فدرجة ، كالمعلم الذي يترك تلميذه الذي لا يحفظ ، ويأخذ بيد تلميذه الذي يحفظ حتى يرتقي ـ بعد أن يلقي الدرس عليهما على حد سواء ـ.
[٦] ثم ذكر سبحانه مثالا لإرسال الرسل بلسان قومهم بقوله (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) أي مع المعجزات والدلالات المصدقة له (أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) هذه كانت رسالة موسى عليهالسلام ، أي أرسلنا موسى قائلين له أن أخرج ، وجملة «بآياتنا» معترضة ، وقد كانت صيغة رسالة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) كصيغة رسالة موسى «أن أخرج» وقد تقدم معنى كون الناس في ظلمة ، وأن الرسول يخرجهم منها إلى النور (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) وهي الأيام التي وقعت فيها أمور خارقة من النعم أو النقم ، والتذكير بها يفيد العاقل لزوم إطاعة الله حتى ينال من تلك النعم ، ولزوم ترك المعصية ، حتى لا يقع في مثل تلك النقم ، كالتذكير بما فضل الله به نوحا والمؤمنين من النجاة في السفينة ، وبما نقم الله سبحانه على الكافرين