وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ
____________________________________
فإن النفس غير المستقيمة ، لا بد وأن تسبب هدما لمناهج الحياة ، وذلك يسبب الشقاء والتعاسة في الدنيا والآخرة ، ثم أن الشكر باللسان ، أضعف أقسام الشكر وإن كان مطلوبا أيضا ، فإنه شكر بالقلب ، وشكر باللسان ، وشكر بالجوارح ، كما قال تعالى : (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) (١) أي ائتوا بالشكر العملي ، روي عن الصادق عليهالسلام أنه قال في تفسير هذه الآية ، أيما عبد أنعمت عليه نعمة ، فأقر بها بقلبه ، وحمد الله عليها بلسانه ، لم ينفذ كلامه حتى يأمر الله له بالزيادة (٢).
[٩] (وَقالَ مُوسى) لبني إسرائيل ـ بمناسبة قوله السابق : ولئن كفرتم ـ (إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ) يا بني إسرائيل (وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) بلا استثناء (فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌ) عن الجميع لا يضره كفركم شيئا (حَمِيدٌ) بذاته لا يحتاج إلى حمد الناس وشكرهم ، وإنما الشكر والإيمان تعود فائدتهما إلى نفس الناس ، باستقامة حياتهم ، وطهارة نفوسهم.
[١٠] وقال لهم موسى عليهالسلام (أَلَمْ يَأْتِكُمْ) يا قوم (نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي ألم يصل إليكم أخبار الأمم الماضية الذين عصوا الله سبحانه ، فأخذهم بعذابه الشديد ، أخذ عزيز مقتدر؟ (قَوْمِ نُوحٍ) بدل من (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) حيث أهلكوا بالغرق (وَعادٍ) قوم هود عليهالسلام (وَثَمُودَ)
__________________
(١) سبأ : ١٤.
(٢) تفسير العياشي : ج ٢ ص ٢٢٢.