قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا
____________________________________
[١١] (قالَتْ رُسُلُهُمْ) في جواب قولهم (إِنَّا لَفِي شَكٍّ) (أَفِي اللهِ شَكٌ) أي هل يمكن الشك في الله بعد الآيات الكونية الكثيرة ، التي تنطق كلها ، في وضوح وجلاء ، بأن لها خالقا عليها قديرا ، (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خالقهما ومبدعهما ، وقد كان هذا الوصف بمنزلة البرهان والدليل (يَدْعُوكُمْ) الله أيتها الأقوام (لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) أي بعض ذنوبكم ، وإنما أتى ب «من» التبعيضية ، لأنه سبحانه لا يغفر كل الذنوب كالشرك ، قال سبحانه (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (١) كذا قال بعض المفسرين وإلا وفق القواعد ، أن تكون «من» للجنس ، فإنهم إن لبوا الدعوة ، كانوا محلا لغفران جميع الذنوب ، إذ لا يبقى شرك حينئذ ، وإن لم يلبّوها لم يكن غفران ، فالمراد ليغفر لكم من هذا الجنس الذي هو الذنب ، (وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) فلا يعجل عليكم بالعذاب ، بل إنما يؤخر آجالكم إلى المدة المقررة لكم ، فإن من سلك منهاج الله لم يعذب عاجلا ، لا بعذاب الاستئصال ، ولا بعذاب من خالف المنهاج ، فوقع في مشاكل الحياة (قالُوا) أي قال القوم في جواب الرسل (إِنْ أَنْتُمْ) أي ما أنتم أيها الرسل (إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) على خلقتنا ، ومن آياتنا (تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا) أي تمنعونا (عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا)
__________________
(١) النساء : ٤٩.