إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١١) كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (١٣)
____________________________________
المنفي لإفادة التعميم ، حتى لا يظن أن عموم النفي مجاز (إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) والاستهزاء دائما حيلة العاجز عن الحجة حيث يريد تحطيم خصمه ، وهذا كالتسلية للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه لا يهتم باستهزائهم فإن ذلك عادة الأمم كافة بالنسبة إلى رسل الله سبحانه.
[١٣] ولكن إنما لا نأبه باستهزاء هؤلاء الكفار بالقرآن ، فاللازم في الحكمة أن نتم عليهم الحجة ، وإن استهزءوا به وعلمنا أنهم لا يؤمنون (كَذلِكَ) الذي ذكر (نَسْلُكُهُ) أي القرآن (فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) يقال سلكه وأسلكه إذا أدخله ، يعني إنا في هذه الحالة الاستهزائية ، ومع هذا الواقع السيء لدى المكذبين ، ندخل القرآن في قلوبهم ، حتى تتم الحجة عليهم.
كما إذا قيل لك أنك كيف تفعل كذا والحال أن جماعة ينتقدون عليك؟ تقول : هكذا نعمل ، تريد أنك تعمل وإن جلب العمل الانتقاد.
[١٤] إنهم (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) هذا كالبدل لقوله «كذلك» أي إنهم مع عدم إيمانهم بالقرآن واستهزائهم لك نلقي عليهم الحجة (وَقَدْ خَلَتْ) أي مضت (سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) طريقة الأمم السابقة ، في أنهم لم يكونوا يؤمنون بالأنبياء عليهمالسلام ويستهزئون بهم ومع ذلك كنا نلقي عليهم الحجة ، فالطغاة المكذبون من عنصر واحد ، وهم أشباه في كل زمان ومكان ، وليس تكذيبهم واستهزائهم سببا لكفّنا عن الإرشاد والبلاغ ، سواء في ذلك السابقون أو من في زمانك يا رسول الله.