أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١) يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ
____________________________________
[٢] لقد طلب الكفار أن ينزل الله عليهم عذابا ، إن كان الرسول صادقا فيما يقول ـ استهزاء ـ كما كانوا يقولون : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (١) فقال الله سبحانه في جواب طلبهم العذاب : (أَتى أَمْرُ اللهِ) أي قرب إتيانه ، ويقال للشيء الذي قرب أنه أتى ، لمجاز المشارفة ، أو أنه من باب إنزال الفعل المتحقق الوقوع منزلة الماضي كقوله سبحانه (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) (٢) (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) أي لا تطلبوا تعجيله (سُبْحانَهُ) مصدر منصوب بفعل محذوف أي أنزهه تنزيها (وَتَعالى) أي أنه أعلى وأرفع (عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي عن الأصنام التي يشركونها معه تعالى ، فقد قرب وقت إتيان أمر الله المنزه عن الشريك واستعجال هؤلاء لا يغير من مقتضى حكمته في جعل المواقيت والآجال ، وها نحن الآن نرى أنه قد وقع على الكفار المعاصرين للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم العذاب وقضي كل شيء.
[٣] أنه سبحانه لا يدع المشركين في ضلالهم وشركهم بل لا بد وأن يتم الحجة عليهم فإنه (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ) إلى الرسل (بِالرُّوحِ) أي بما هو روح وحياة للكون فإن الإنسان لا روح له ما دام ليس متشرعا بشريعة الله سبحانه وإنما هو جماد في صورة متحرك (مِنْ أَمْرِهِ) أي الروح المتصف بأنه كائن من أمره تعالى ، وتأثر عن إرادته (عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ
__________________
(١) الأنفال : ٣٣.
(٢) الكهف : ١٠٠.