فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١) يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً
____________________________________
بشر العباد بما بشر به ، وذكر لهم العلامة ، فلما اعتقل لسانه ، أراد أن يفهمهم الأمر ليشاركوا معه في الذكر والتسبيح ، فإن الإنسان يذكر الله عند ما يرى من العجائب (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ) غرفته المسماة ب (الْمِحْرابِ) ، ويسمى محل الصلاة محرابا ، لأنه محل محاربة الإنسان مع الشيطان ، يريد الشيطان أن يصده عن الصلاة ، وهو يحاربه حتى يصلي (فَأَوْحى) أي أشار زكريا عليهالسلام (إِلَيْهِمْ) بدون أن يتكلم ، لأنه لم يكن يقدر على الكلام مع الناس (أَنْ سَبِّحُوا) الله سبحانه (بُكْرَةً) أي صباحا (وَعَشِيًّا) أي مساء.
[١٣] فولد يحيى وكبر حتى صار صبيا ، وإذا به يسمع النداء من قبل الله سبحانه (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ) أي التوراة (بِقُوَّةٍ) بأن تعمل بها بكل استقامة ، والمراد بالقوة ، القوة النفسية ، التي لا يقف دونها شيء لمن عزم وصمم (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ) النبوة ، لأنها توجب أن يحكم الشخص بين الناس ، فيأمرهم ، وينهاهم ، ويفصل قضاياهم (صَبِيًّا) في حال كونه صبيا ، فإن الله كما قدر على أن يمنحه لوالديه بعد الهرم ، قدر على أن يتفضل عليه بمؤهلات النبوة.
[١٤] (وَ) آتيناه (حَناناً) وعطفا وشفقة على الناس ، كما هو من لوازم النبوة ، حتى يتمكن من إرشاد الناس ، فإن أول مؤهلات المرشد ، أن يكون ذا حنان وعطف (مِنْ لَدُنَّا) أي من عندنا ، والإضافة إليه سبحانه ـ وإن كان كل حنان من عنده ـ للتشريف (وَ) آتيناه (زَكاةً)