خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١١) يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ
____________________________________
على الأرض على وجهه ، بحيث لا يرى ، ولا يتنفس براحة ، ولا يحس ، بل هو في تعب وحرمان ، شبّه بذلك الكافر ، لأنه مثل ذلك المنقلب في الحرمان (خَسِرَ الدُّنْيا) إذ فقد الإيمان الموجب للرضا والاطمئنان والهدوء (وَالْآخِرَةَ) لأنه كفر ، والكفر موجب للعذاب والنار (ذلِكَ) الخسران للدنيا والآخرة (هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) الظاهر الذي لا خسران فوقه ، ولا أسوأ حالا منه.
[١٣] والذي يعبد الله على حرف ، إذا أصابته فتنة (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) فإن الإنسان إذا قطع صلته بالله ، لا بد وأن يدعو سواه ، وسوى الله لا ينفع داعيه ، ولا يضر تارك دعوته ـ فإن النفع والضرر كليهما بيد الله سبحانه ـ (ذلِكَ) الدعاء لما لا يضر ولا ينفع (هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) فهو خارج عن الجادة ، خروجا كثيرا ، بحيث لا أحد أبعد منه ، إذ ترك الله سبحانه ، واتخذ غيره ـ وقد مر معنى كون الضلال بعيدا ـ.
[١٤] (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) إن ما يتخذ الإنسان من دون الله سبحانه سندا ، سواء كان صنما أو إنسانا أو شيطانا ، من حيث ذاته لا يضر ولا ينفع ، ومن حيث ما يترتب عليه من الثمار ، ضره أقرب من نفعه ، فالضر هو انحراف منهاج الحياة المترتب عليه ، والعقاب الأخروي ، والنفع هو البقاء في حلقة آبائه وأقربائه ، الذين هم على شاكلته ، وما يعود لكهنة الأصنام من النذورات والقرابين ، وما أشبه