ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (٦٦) لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ (٦٧)
____________________________________
والروح (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) فهو سبحانه المميت ، أما من ظن أنه المميت بقتله إنسانا أو غيره ، فقد أخطأ ، فإنه إنما يوجد السبب الذي جعله الله وصلة لذلك المسبب ، فهو كمن يزعم أنه يحيي بإيجاده الماء العفن المولد للبعوض (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) بعد الموت للحشر والنشور (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) كثير الكفر ، حيث أنه يكفر بالإله ، ويكفر بالبعث ، ويكفر بالأدلة مع وضوحها وجلائها.
[٦٨] وإذ قد وضح الدليل ، وتمت الحجة ، فلا داعي للرسول لأن يشغل نفسه بمنازعة الكفار المنكرين للمبدأ والمعاد (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) مصدر ميمي أي منهجا (هُمْ ناسِكُوهُ) أي ينتهجونه ويتبعونه في حياتهم (فَلا يُنازِعُنَّكَ) يا رسول الله ، أي لا وجه لنزاع الكفار معك (فِي الْأَمْرِ) أي أمر الشريعة وأنها لم صارت هكذا؟ وهذا وإن كان في الصورة نهيا للكفار عن المنازعة ، لكنه في الحقيقة إرشاد للرسول ، بأن لا يشغل نفسه بكلامهم وخصامهم فإن المعاند لا يفيد معه الخصام والجدال (وَادْعُ) يا رسول الله (إِلى رَبِّكَ) غير مبال بهم ، ولا ملتفت إليهم (إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ) قد شبه الهدى بالطريق المستقيم الذي يوصل الإنسان إلى مقصده ، والرسول على ذلك الطريق ، فليس عليه أن يعارض وينازع أصحاب الطرق المنحرفة ، وإنما عليه الدعوة ، حتى إذا رآه الناس ، ورأوا طريقه اتبعوه تلقائيا.