وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ (٣٤) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها
____________________________________
وأغلظ (وَما لَهُمْ مِنَ) قبل (اللهِ مِنْ واقٍ) اسم فاعل من «وقي» أي من حافظ يحفظهم من ذلك العذاب وإذ لا حافظ إليهم من الله ، فلا حافظ لهم إطلاقا.
[٣٦] إن في الآخرة للمشركين عذابا شديدا ، أما المؤمنون فلهم الجنة ، إنهم وقوا أنفسهم عن المعاصي واتقوا ، فوقاهم الله عن العذاب ، بل هيئ لهم الجنة (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) دخولها والتنعم فيها ، ولعل الإتيان بالمثل لإفادة أن حقيقة الجنة لا تتصور ، وإنما يتصور الإنسان شبهها ، كما إنك إذا أردت أن تفهم طفلا حقيقة الكهرباء سالبه وإيجابه ، لا يتصورها ، فتقول أن مثله أن تأخذ حبلا فتجره مرة إلى اليمين ، وأخرى إلى الشمال ، ولذا ورد أن هناك يرى الإنسان ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر (١) «ولا يخفى ما في هذه الكلمة الأخيرة من معنى مدهش» أن مثلها جنة (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) أي تحت قصورها وأشجارها (الْأَنْهارُ) ولعل الإتيان بكلمة تحت ، لإفادة أنها ليست كبعض الأراضي في الدنيا ، التي هناك نهر ، بلا شجر وبناء ، وإنما الأنهار ـ في الجنة ـ تجري تحت القصور والأشجار ، حيث تشابكت الأشجار ، وتراصفت القصور (أُكُلُها) الأكل ، هو الثمرة (دائِمٌ) أي أن ثمارها دائمة ليست كثمار الدنيا ، تظهر في فصل دون فصل (وَظِلُّها) دائم لا يكون مرة شمسا ومرة ظلا ، بل دائم الظلال ، لا تلفح الإنسان ، شمس ، أو حر ، أو برد
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ص ١٧.