تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ (٣٥) وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ
____________________________________
(تِلْكَ) الجنة (عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا) عاقبتهم (وَعُقْبَى الْكافِرِينَ) عاقبتهم (النَّارُ) فمن أراد اتقى ليصل إلى تلك ومن شاء كفر ليعاقب بهذه.
[٣٧] وإذ يفرغ القرآن الحكيم من الكفار والمشركين ، ويبين أحوال المؤمنين والمتقين يعطف نحو أهل الكتاب وموقفهم من الرسول والقرآن (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) أي أعطيناهم الكتاب السماوي ، كالتوراة والإنجيل ، (يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) يا رسول الله ، فإن أهل الكتاب المستقيمين الذين لم يعصب عينهم الحقد والحسد ، والتقليد الأعمى ، لا بد وأن يفرحوا بهذا الكتاب الذي يجدونه يصدقهم ، ويأخذ بأيديهم في مقابل الكفار والمشركين ، فإن الإنسان يفرح بناصره ومعاضده ، ومن المعلوم أن نسبة الأشياء الحسنة إلى قوم ، إنما يراد بها النسبة إلى عقلائهم ومفكريهم ومستقيمي الرأي منهم ، فإنك إذا قلت أن المسلمين صادقون في أقوالهم موفون لعهودهم ، لا تريد أن جميع أفرادهم كذلك ، وإنما تريد المستقيمين منهم في الإسلام ، وكذلك أمثال هذه النسبة ، وقد كان في أصحاب النبي زمرة من خيرة اليهود والنصارى ، الذين اتبعوه ، لما رأوا فيه الحق والصدق ، لكن من تحزّب ضد الرسول من أهل الكتاب ، لا بد وأن يخالفوا الكتاب ، فإنهم بطبيعتهم الحزبية ، لا بد وأن يتلقوا الأوامر من كبرائهم الحاسدين وقد كان شأن الأحزاب هكذا قديما وحديثا فإنهم حيث يدخلون أنفسهم في إطار طاعة الحزب لا بد لهم أن يتمثلوا ما يقوله الحزب حقا أم باطلا ،