( مسألة ١٢ ) : إذا نذر التصدق بالعين الزكوية ، فإن كان مطلقاً غير موقت ولا معلقاً على شرط لم تجب الزكاة فيها [١] ،
______________________________________________________
[١] كما عن جماعة كثيرة ، لأن التصرف فيه مناف للنذر ، فيكون مخالفة لما دل على وجوب الوفاء به ، وقد عرفت : أن المنع عن التصرف شرعاً كالمنع عنه عقلا في مانعيته عن وجوب الزكاة.
نعم يقع الكلام في وجه المنع من التصرف ، وهل هو ثبوت حق لله سبحانه؟ أو حق للفقراء الذين نذر التصدق عليهم؟ أو لا هذا ولا ذلك ولكن ثبوت التكليف بالعمل على طبق النذر ، والوفاء به يستتبع وجوب حفظ المال ، فالتصرف فيه مناف للحفظ الواجب ، فيكون غير مقدور عليه شرعاً؟ التحقيق هو الأول ، لما تحقق في محله : من أن معنى الخبر والإنشاء واحد ، والاختلاف بينهما بقصد الحكاية في الخبر وقصد الإيجاد في الإنشاء. ولأجل أنه لا ريب في أن قول المخبر : « لزيد عليّ أن أخيط ثوبه » معناه الاخبار عن ملكية زيد على المخبر أن يخيط ثوبه ، وبذلك يكون إقراراً واعترافاً على نفسه ، فليكن معناه إنشاء كذلك ، أعني : إنشاء ملكية أن يخيط ثوبه ، ومقتضى ذلك أن يكون معنى قول الناذر : « لله عليّ أن أتصدق بمالي علي الفقراء » إنشاء الملكية لله سبحانه ، إذ لا نعني بكون الشيء موضوع حق إلا كونه موضوع فعل مملوك لذي الحق.
وأما دعوى ثبوت حق للفقراء في العين فشيء لا مأخذ له واضح. ومجرد وجوب الصدقة عليهم لا يستتبع حقاً لهم ولا يتفرع عليه. وقياس المقام بباب الواجبات المالية ـ مثل وجوب إيتاء الزكاة لأهلها ، ووجوب إيصال الخمس لمستحقه ، ووجوب الكفارة عند أسبابها ـ حيث دل الخطاب بالالتزام على ثبوت ملكية الفقراء أو السادات للأمور المذكورة في غير محله ،