مسيرة الاستخلاف
وهي : مسيرة تحقق الخلافة في الأرض ، فيقع الكلام فيه أيضا في جانبين :
الأوّل : تشخيص مجموعة من المفاهيم والتصورات التي وردت في القرآن الكريم حول هذه المسيرة.
الثاني : بيان الصورة النظرية الكاملة حول هذه المسيرة.
الجانب الأوّل ـ المفاهيم والتصوّرات :
السجود لآدم :
في البداية يواجهنا السؤال عن الأمر الإلهي للملائكة في السجود لآدم ، إذ إنّه في الشريعة المقدسة يحرم السجود لغير الله تعالى ، فكيف صحّ أن يطلب من الملائكة السجود لآدم؟ وما هو المقصود من هذا السجود؟
وهذا السؤال ينطلق من فكرة ، وهي : أنّ السجود بحدّ ذاته عبادة ، والعبادة لغير الله شرك وحرام ؛ إذ تقسم الافعال العبادية إلى قسمين :
أحدهما : الأفعال التي تتقوم عباديتها بالنية وقصد القربة كالإنفاق (الزكاة والخمس) ، أو الطواف بالبيت الحرام ، أو القتال ، أو غير ذلك ، فإنّ هذه الأفعال إذا توفرت فيها نية القربة وقصد رضا الله ـ تعالى ـ تكون عبادة لله تعالى ، وبدون ذلك لا تكون عبادة ، ومن ثمّ فهي تتبع نيتها في تشخيص طبيعتها.
والآخر : الأفعال التي تكون بذاتها عبادة ، ويذكر (السجود) منها ؛ لأنّه عبادة بذاته ، ولذا يحرم السجود لغير الله ؛ لأنّه يكون بذاته عبادة لغير الله.
ولكن هذا التصور غير صحيح : فإنّ السجود شأنه شأن الأفعال الاخرى التي تتقوم عباديتها بالقصد والنية ، ولذا فقد يكون السجود سخرية واستهزاء ، وقد