لوط وإساءتهم لمعاملته ، فإن إبراهيم أخذ يجادل المرسل فيهم ـ كما سوف نعرف ـ بأمل دفع نزول العذاب عنهم.
وهذا يعني : أنّ حالة العطف والشفقة والرأفة بالناس عموما من الصفات المميزة التي تميز هذا النوع من الناس الذي اصطفاهم الله لرسالته (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ* إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ)(١).
وهذا الوصف ذكره القرآن الكريم بشأن نبينا محمّد صلىاللهعليهوآله في قوله تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)(٢).
كما يذكر هذه الصفة (الحلم) لإبراهيم في عطفه على أبيه وموعدته إياه بالاستغفار له ، وإن كان قد تبرأ منه عند ما تبين له أنّه عدو لله.
(وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)(٣).
ومن هنا يمكن أن نفهم أنّ الحلم هو الصبر المقرون بالعطف والرأفة على فعل السوء رجاء إصلاح الحال حبا بالآخرين وطلبا لمنفعتهم.
ج ـ وكان بريئا من أعداء الله الذين يصرون على موقفهم في العداوة ، ويلحّون على التمرد والعصيان.
__________________
(١) هود : ٧٤ ـ ٧٥.
(٢) التوبة : ١٢٨.
(٣) التوبة : ١١٤.