وقد ذكر القرآن الكريم هذا الوصف لابراهيم في علاقته مع المشركين عند ما تبين له هذا الإصرار وهذا الموقف دون الفرق بين الأباعد منها والأقارب.
وجعل هذا الوصف موضع لإبراهيم ؛ ليكون الاسوة والقدوة للآخرين.
فقد سبق أن أشرنا إلى موقفه من البراءة من أبيه عند ما تبين له أنّه عدو لله :
(قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ* رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(١).
وبذلك نعرف أنّ هذه الصفة تكمّل صفة الحلم التي تحدثنا عنها في الفقرة السابقة في علاقة إبراهيم بالناس.
د ـ كان يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ؛ إذ كان يتبع اسلوب مخاطبة العقل والوجدان ، والتدرج في الخطاب والموقف ، واستخدام مختلف الأساليب والوسائل المشروعة للوصول إلى هدفه مع الالتزام بالخلق الإنساني الرفيع.
وسوف يتضح ذلك عند ما نستعرض مراحل حياته ودعوته ، والأساليب التي كان يتبعها في ذلك.
الرابع ـ معالم الشخصية :
فقد ذكر القرآن الكريم إلى جانب جميع الصفات السابقة بعدا رابعا من
__________________
(١) الممتحنة : ٤ ـ ٥.