شخصية إبراهيم ، وهو : البعد الذي يرتبط بمعالم شخصيته الذاتية.
أ ـ التفكير والتأمل والتدبر في الخلق والكون وظواهر الطبيعة من أجل الوصول إلى الحقيقة ؛ إذ يذكر له القرآن الكريم عدّة مواقف تعبّر عن ذلك ، لعلّ أحسنها ما ذكره في سورة الأنعام من تفكيره وتدبره في التفتيش عن ربه الخالق وهو في صغره عند ما رأى الكوكب وافوله ، ثم انتقاله إلى القمر والشمس ، ثم إلى معرفته بالله تعالى :
(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ* فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ* فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)(١).
كما سوف نشير إلى ذلك في المرحلة الاولى من حياته.
وكذلك طلبه من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى للوصول إلى درجة اليقين في معرفة النشأة الآخرة (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٢).
كما سوف نعرف ذلك في المرحلة الثالثة من حياته.
ب ـ إنّه كان واسع المعرفة بالحقائق الإلهية بسبب طلبه لها بالتأمل والتفكير من ناحية ، وبسبب اللطف الإلهي والعناية الربانية به الذى فتح له هذا الباب الواسع من المعرفة من ناحية اخرى ، والذي عبّر عنه القرآن الكريم ب (اراءته لملكوت
__________________
(١) الأنعام : ٧٦ ـ ٧٨.
(٢) البقرة : ٢٦٠.