السماوات والارض) (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)(١). حيث كان يرى الحقائق الإلهية الغيبية والمشهودة في السماوات والأرض (٢).
ج ـ إنّ إبراهيم عليهالسلام كان قوي الحجّة والبرهان ، ويبدو ذلك واضحا من القرآن الكريم في عرضه لاحتجاج إبراهيم مع أبيه ، ومع قومه في المرحلة الاولى من حياته ، كما تذكره آيات سورة الأنعام ؛ ولذلك وصفه القرآن الكريم بعدها بقوله : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ
__________________
(١) الأنعام : ٧٥.
(٢) وقد قال العلّامة المجلسي بعد ذكره لمجموعة من الاخبار : إنّ إراءته ملكوت السماوات والأرض يحتمل :
١ ـ أن يكون ببصر العين : بأن يكون الله ـ تعالى ـ قد قوى بصره ، ورفع له كلّ منخفض ، وكشط له عن أطباق السماء والأرض حتى رأى فيهما ببصره.
٢ ـ أن يكون المراد منه رؤية القلب : بأن أنار قلبه حتى أحاط بها علما.
والأوّل أظهر نقلا ، والثاني عقلا.
والظاهر على التقديرين : أنّه أحاط علما بكلّ ما فيهما من الحوادث والكائنات.
٣ ـ وأمّا حمله على أنّه رأى الكواكب وما خلقه الله في الأرض على وجه الاعتبار والاستبصار ، واستدلّ بها على اثبات الصانع ، فلا يخفى بعده عمّا يظهر من الأخبار. انتهى كلامه. البحار ١٢ : ٦١ ـ ٦٢.
ولكنّ الظاهر من الآية الكريمة في سورة الأنعام ـ بعد جمعها مع الاخبار وما استظهره فيه من العقل كما في الاحتمال الأوّل والثاني ـ أنّ ما ذكره الاحتمال الثالث هو الصحيح ، وكان ذلك مقدّمة لحصول مضمون كل من الاحتمالين الآخرين الأوّل والثاني. والله أعلم.