ملاحظات عامّة حول قصّة عيسى عليهالسلام
في نهاية المطاف يحسن بنا أن نسجّل بعض الملاحظات العامة حول قصّة عيسى عليهالسلام.
الملاحظة الاولى ـ الهدف :
إنّ قصّة عيسى عليهالسلام شأنها شأن بقية قصص الأنبياء في القرآن الكريم ، لها أهداف متعدّدة ، ولكن بعض هذه الأهداف يأتي في سياق أهداف تشترك بقصص الأنبياء وبعضها الآخر أهداف رئيسة تكاد أن تكون مختصة بالقصّة ذاتها ، وقد أشرنا إلى بعض هذه الأهداف عند الحديث عن أنبياء اولي العزم.
وهنا يمكن أن نؤكّد وجود عدّة أهداف تكاد أن تكون أهدافا مركزية لقصّة عيسى عليهالسلام في القرآن الكريم.
الأول : مناقشة وإبطال عقيدة النصارى في ألوهية المسيح وعقيدة الصلب ، فإنّ النصارى يعتقدون أنّ المسيح هو الله أو ابنه ، وأنّه ثالث ثلاثة ، كما يفسّرون الصلب بالفداء عن الخطيئة كما ذكرنا ، وقد قدّم القرآن التفسير المنطقي لولادة المسيح وأنّ مثله كمثل آدم خلقه من تراب ، ثم قال له كن فيكون. وكذلك أكّد وفاته ورفعه ، وهذا الهدف يقصد به النصارى من الناس بشكل خاص ؛ وذلك لأنّ ولادة عيسى عليهالسلام من غير أب هي من القصص الذي لا يؤمن بها إلّا النصارى من الناس في ذلك الوقت ، وآمن بها المسلمون لتأكيد القرآن لها ؛ لأنّ اليهود وغيرهم من الامم لا يقرّون ـ بصورة عامة ـ بوجود المسيح تاريخيا ، ومن أقرّ منهم بالمسيح فهو يتهم مريم عليهاالسلام في ولادته ، كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك.