(الحكم بطريق التّناظر) (١).
وإذا كان التّحليل الّذي قدمنا صحيحا ـ بإستثناء بعض التّحديدات الّتي يجب أن نضيفها إلى هذا القول ـ فلا ينبغي أن يكون لدينا سوى سلطة تشريعية واحدة ، بالمعنى الصّحيح. والقرآن ذاته لا يفتأ يؤكد لنا هذه الفكرة في كثير من آياته ، قال تعالى : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) (٢) ، و (أَلا لَهُ الْحُكْمُ) (٣) ، و (لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) (٤).
وقد بعث الله سبحانه فينا رسوله ، لا ليكون مجرد خاضع لشرع الله فحسب ، بل ليكون أوّل خاضع له : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (٥).
وإذن فما ذا يقصد بذلك المبدأ الرّباعي ..؟ ..
أوّلا : القرآن :
لما كان القرآن ـ في نظر المسلمين ـ كلمة الله ذاته ، فقد أصبح مستوفيا لشرائطه تلقائيا ، لكي يعبر عن الإرادة الإلهية. ولكن ، ألا ينبغي أن يعدّ منذئذ المصدر الوحيد للشريعة الإسلامية؟ .. ثمّ ألّا يكون إقرار مصدر آخر للتكليف الأخلاقي المباشر ، والواقعي ، بجانب القرآن ـ معناه : أشتراك بصائر أخرى مع الله ، لها نفس الحقّ المقدس في إصدار الأحكام؟ .. فلنر إلى أي مدى بلغت في
__________________
(١) يجب الألتفات إلى أنّ مصادر التشريع عند الإمامية هي : (كتاب الله ، والسّنّة النّبوية الشّريفة بما فيها قول الإمام المعصوم ، والإجماع ، والعقل).
(٢) الأنعام : ٥٧ ، ويوسف : ٤٠.
(٣) الأنعام : ٦٢.
(٤) الرّعد : ٤١.
(٥) الأنعام : ١٦٢ ـ ١٦٣.