الواقع السّلطة المخولة للمباديء الأخرى.
ثانيا : السّنّة :
والحقّ أنّ جميع العلماء متفقون على أنّ يروا في تعاليم السّنّة العملية ، أو مأثور النّبي صلىاللهعليهوسلم (١) ـ مصدرا ثانيا ، عظيم الأهمية ، للشريعة الإسلامية ، بعد القرآن ، كلمة الله.
والقرآن نفسه قد طلب إلى المؤمنين أن ينقادوا ، دون حرج ، لجميع أوامر النّبي صلىاللهعليهوسلم ، متى أخذوا أنفسهم بالإيمان به ، ومن ذلك قوله : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٢) ، وقوله : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (٣) ، وقوله : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) (٤) ، وقوله : (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٥).
غير أننا إذا ما نظرنا إلى حقيقة الأمر نجد أن جميع الأوامر النّبوية لا تفرض تكليفا نهائيا ، مهما يكن شأنه ، شرعيا ، أو دينيا ، إلا بقدر ، وبشرط أن ترتدي الفكرة الّتي يشتمل عليها صفة الوحي ، صراحة ، أو ضمنا.
فإذا عدمت هذه الصّفة الإلهية لم يعد للدرس ، أو المثال الّذي قاله (الإنسان) سلطان على أحد.
وقد وردت هذه التّفرقة مشارا إليها في النّص القرآني ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا
__________________
(١) نقصد بهذا مجموع أقواله ، وأفعاله ، وتقريراته ، وجميع مواقفه الضّمنية ، إستحسانا ، أو رفضا.
(٢) النّساء : ٦٥.
(٣) النّساء : ٨٠.
(٤) الحشر : ٧.
(٥) النّور : ٥٦.