__________________
ـ البخاريّ : ٣ / ١٦٠ ، صحيح مسلم : ٣ / ٤٥ ، مسند أحمد : ٤ / ٢٤٥. والجواب : يحمل هذا النوح على نوح الجاهلية ، وعلى البكاء الّذي ليس بمشروع ؛ كالذي معه اللطم ، والخدش ، والقول السّيء ؛ أمّا الّذي ليس فيه ذلك فهو مشروع لقول الإمام الصّادق عليهالسلام ، كما جاء في التّهذيب : ١ / ٤٦٥ ح ١٥٢٤ : «إنّ إبراهيم خليل الرّحمن سأل ربه أن يرزقه ابنة تبكيه بعد موته» ، هذا أولا.
وثانيا : لا بأس بالنوح والندب بتعداد فضائله ، واعتماد الصّدق ، وهو قول أحمد ، كما جاء في المغني : ٢ / ٤١١ ، الشّرح الكبير : ٢ / ٤٢٩.
وثالثا : إنّ فاطمة عليهاالسلام كانت تنوح على النبي صلىاللهعليهوآله ، كما جاء في سنن النسائي : ٤ / ١٣ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٥٢٢ ح ١٦٣٠ ، قولها : «يا أبتاه! من ربه ما أدناه ، يا أبتاه! إلى جبرائيل أنعاه ، يا أبتاه! أجاب ربا دعاه».
نحن نعلم جميعا أنّه لما قبض صلىاللهعليهوآله افتجع به الصّغير والكبير ، وكثر عليه البكاء ، وقلّ العزاء ، وعظم رزؤه على الأقرباء والأصحاب ، والأولياء ، والأحباب ، والغرباء ، والأنساب ، ولم تلق إلّا كلّ باك وباكية ، ونادب ونادبة ، ولم يكن أهل الأرض فقط ، بل أهل السّماء ، وكان أشد حزنا وأعظم بكاء وانتحابا مولاتنا فاطمة الزّهراء عليهاالسلام ، وكان حزنها يتجدد ويزيد ، وبكاؤها أكثر من اليوم الأوّل ، ولذا لم تطق صبرا ، إذ خرجت في اليوم الثّامن وصرخت فكأنّها من فم رسول الله صلىاللهعليهوآله تنطق ، فتبادرت النسوان ، وخرجت الولائد والولدان ، وضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، وجاء الناس من كلّ مكان واطفئت المصابيح ، لكيلا تتبين صفحات النّساء ، وخيّل إلى النسوان أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد قام من قبره وصار الناس في دهشة وحيرة لما قد رهقهم ، وهي عليهاالسلام تنادي وتندب أباها : وا أبتاه ، وا صفيّاه ، وا محمّداه ، وا أبا القاسماه ، وا ربيع الأرامل ، واليتامى ، من للقبلة والمصلى ، ومن لابنتك الوالهة الثّكلى. إذا الحزن والبكاء من لوازم العاطفة البشرية ، ومن مقتضيات رحمته سبحانه وتعالى ما لم يصحبها شيء من منكر القول والفعل. فقد ورد عنه صلىاللهعليهوآله في مسند أحمد : ١ / ٣٣٥ ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «مهما يكن من القلب والعين فمن الله والرّحمة ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشّيطان».
وقد بكى آدم عليهالسلام على ابنه هابيل ، حيث قال :
ومالي لا أجود بسكب دمع |
|
وهابيل تضمنه الضّريح |
وقد بكى إبراهيم عليهالسلام على إسماعيل عليهالسلام كما جاء في المصادر ، وبكى يعقوب عليهالسلام على يوسف عليهالسلام ، ـ