صريحة : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (١). أيمكن أن نجد تعبيرا أعظم قوة من هذا ؛ لإثبات الضّرورة الّتي يفرض بها الواجب؟ ..
ومع ذلك فلا ينبغي أن يلتبس هذا التّعبير في أذهاننا بإستعمالين آخرين لكلمة «الضّرورة». فإنّ الضّرورة الأخلاقية تفترق في وقت واحد عن «الضّرورة المادية [La ne cessite physique] ، وعن الضّرورة المنطقية [logique La necessite].
فللقانون المادي على أجسامنا ضغط نتحمله مكرهين ، دون أن نملك تحاشيه ، وأمّا القانون الأخلاقي فهو بعكس ذلك يفترض حرية الأختيار ، فهو يكلفنا ، ولكنه لا يقهرنا قهرا ماديا. إنّه يدع لنا أوّلا إمكان مراعاته ، أو مخالفته (ودعك من مقاومته آخر الأمر) ، وتلك هي القاعدة الأصلية الّتي لا يفتأ القرآن يعلنها ، سواء فيما يتعلق بواجب الإيمان ، أو بواجب الفضيلة العملية ، واقرأ إن شئت هذه الآيات الكريمة : (وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (٢). (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) (٣). (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (٤). (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٥). (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ
__________________
(١) الأحزاب : ٣٦.
(٢) النّساء : ٨٠.
(٣) البقرة : ٢٥٦.
(٤) الغاشية : ٢٢.
(٥) يونس : ٩٩.