لدينا منها أنواع ثلاثة : أحدها ينظر إلى الطّبيعة الإنسانية بعامة ، والآخر ينظر إلى واقع الحياة المادي ، والثّالث ينظر إلى تدرج الأعمال.
آ ـ إمكان العمل :
ولعل من نافلة القول أن نؤكد فكرة الإمكان المادي للعمل كشرط لا معد عنه في الإلزام الأخلاقي. فليس الضّمير العام هو الّذي يعترف وحده بتلك الحقيقة البدهية القائلة بأنّه لا يطلب الطّيران من النّوق ، ولكن ذلك هو بذاته ما ورد في كثير من النّصوص القرآنية. مثل قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) (١). وقوله : (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (٢). وقوله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (٣).
والظّروف الّتي نزل فيها هذا النّص الأخير تعيننا على تحديد معنى هذه الإستحالة ، الّتي تبدو وكأنّها غير متفقة مع الإلزام. ففي الآية السّابقة عليه يقول الله سبحانه : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) (٤). وقد أعتقد صحابة النّبي صلىاللهعليهوسلم أنّها تنطبق على كلّ ما يدور في الضّمير : أفكارا ، أو عزائم ، أو رغبات ، أو هواجس ، أو تخيلات إلخ .. تمسكا منهم بحرفية هذا النّص العام. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (لِلَّهِ ما فِي
__________________
(١) الطّلاق : ٧.
(٢) الأنعام : ٥٢ ، والمؤمنون : ٦٢.
(٣) البقرة : ٢٨٦.
(٤) البقرة : ٢٨٤.