طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) (١). وقد فصلت هذه الطّيبات المحرمة ، الّتي وردت إشارة هنا ـ في موضع آخر من السّورة السّادسة (الأنعام) ، ثمّ ختم التّفصيل بقوله تعالى : (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ) (٢).
فالإسلام لم يفعل إذن سوى أنّ ردّ الأمور إلى نصابها ، ووضعها موضعها. ومع ذلك فتلك هي الرّسالة الّتي كلّف عيسى عليهالسلام أن يؤدي جانبا منها على ما حدث القرآن : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) (٣).
وثالثها : أننا لا نستطيع أن نفهم بسهولة ؛ كيف تريد رحمة الله أن تثبت منذ البداية نظاما يضغط ضغطا شديدا على الإنسان ، ذلك المخلوق الضّعيف ، حتّى لتجعله يئن تحت ثقل نيره ، على ما تدل عليه كلمة «إصر»؟. أمن الممكن أن نتحدث ، إلى حدّ ما ، وتبعا للمعتقدات ، عن مشقة نسبية في بعض الفرائض الواجب أداؤها ، أو أن نتحدث عن قدر معين من المشقة يتفاوت في مبلغ إمتداده ، أمام حرية المبادأة ، أو حرية الإختيار؟ ..
أيّا ما كان الأمر فلا ينبغي أن نتوسع كثيرا في هذا الموضع ، الّذي قد يحتاج إلى دراسة مقارنة أكثر تفصيلا. ولنعد إلى نقطة بدايتنا ، لنرى بما نسوق من أمثلة ـ بعض مظاهر اليسر العملي الّذي خصّ به القرآن أوامره.
والمظهر الأوّل يكمن في أنّ القرآن لا يفرض علينا الغلوّ في تطبيق بعض
__________________
(١) النّساء : ١٦٠.
(٢) الأنعام : ١٤٦.
(٣) آل عمران : ٥٠.