بغيض إلى قلوبنا : «ولا تبغّض إلى نفسك عبادة الله» (١).
وملاحظة أخيرة ، ولكنها ليست أقل الملاحظات صدقا ، تلك هي أنّ الّذي يخطىء بالإسراف في عمل معين ، ينتهي غالبا إلى أن يخطىء بالتقتير في نفس العمل ، بل وقد يعرض عنه إعراضا نهائيا ، ومثل هذا الإنسان ، في منطق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كمثل فارس منهمك في مضماره ، فهو لا يلبث أن يرهق فرسه ، حتّى يقتلها ، دون أن يبلغ هدفه : «إنّ المنبتّ لا أرضا قطع ، ولا ظهرا أبقى» (٢).
وليس الأمر في هذه الأمثلة كلّها أمر إزالة عقبة ماثلة ، وإنّما هو التّهيؤ لمواجهة عقبات محتملة ، وإن كانت تقريبا مؤكدة. والحل لا يتدخل لتغيير بعض الأشياء في بنية العقل ، وإنّما هو يتدخل في مدة الفعل ، ليفرض عليه في اللحظة المناسبة قرارا منسجما مع الإرادة.
__________________
(١) هكذا ورد الحديث : (إنّ هذا الدّين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك فإنّ المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى فأعمل عمل أمرىء تظن أن لم يموت أبدا ، واحذر حذرا تخشى أن تموت غدا). انظر ، مسند أحمد : ٣ / ١٩٨ ح ١٣٠٧٤ ، الكافي : ٢ / ٨٦ ح ١ ، مسند الشّهاب : ٢ / ١٨٤ ح ١١٤٧ ، سنن البيهقي الكبرى : ٣ / ١٨ ح ٤٥٢٠ و ٤٥٢١ ، شعب الإيمان : ٣ / ٤٠٢ ح ٤٨٨٦ ، معرفة علوم الحديث : ١ / ٩٥ ، منية المريد : ٢٠٠ ، الأحاديث المختارة : ٦ / ١٢٠ ح ٢١١٥ ، بحار الأنوار : ٦٨ / ٢١١ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ١ / ٢٣٥ ح ٩٠٠ ، فتح الباري : ١١ / ٢٩٧ ، كشف الخفاء : ٢ / ٢٨٤ ح ٢٣٣٩ ، فيض القدير : ٢ / ٥٤٤ و : ٦ / ٢٤٥ ، الجامع الصّغير : ١ / ٣٨٤ ح ٢٥٠٨ و : ٢٥٠٩ ، كنز العمال : ٣ / ٣٦ ح ٥٣٥٠ ، وسائل الشّيعة : ١ / ١٠٩.
(٢) المراجع السّابقة ، وقال الهيثمي : وفي إسناده يحيى بن المتوكل أبو عقيل ، وهو كذاب. «المعرب».
وانظر ، الجرح والتّعديل : ٩ / ١٨٩ ، مجمع الزّوائد : ١ / ٦٢ ، لكن في مجمع الزّوائد : ٨ / ٢٧ قال : وثقه ابن معين. انظر ، الكافي : ٢ / ٨٧ ، المجازات النّبوية للشريف الرّضي : ٢٦٠ ، وسائل الشّيعة : ١ / ١١٠ ، منية المريد : ٢٠٠.