وهذا المخرج يكون تارة : إعفاء كاملا ، كما يعفى العاجزون من فريضة الجهاد ، والله يقول : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) (١).
وكما يجوز للمستضعفين في الأرض ، ممن ينبغي عليهم أن يبحثوا عن ملجأ آمن يمارسون فيه حرية العقيدة ، والعبادة ـ يجوز لهم أن يبقوا حيث هم ، ما داموا لا يملكون وسيلة الهجرة ، وهو قوله تعالى : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً* فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) (٢).
والمسافر الّذي لا يجد ما يتقوّت به مما أحلّ الله ، يمكنه ، بل يجب عليه بنفس القدر ، أن يطعم أي شيء : ولا يترك نفسه يهلك جوعا : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣).
وتارة يكون المخرج إعفاء جزئيا ، ومن ذلك : قصر الصّلاة أثناء السّفر ، فيما قال الله تعالى : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٤).
ومنه : أنّ الصّلاة أثناء المعركة يمكن أداؤها خلال المشي ، أو ركوب الفرس ،
__________________
(١) الفتح : ١٧.
(٢) النّساء : ٩٨.
(٣) المائدة : ٣.
(٤) النّساء : ١٠١.