يحس كلّ فكر أخلاقي بأنّه محير فيما بينها ، والّتي ينبغي حيالها أن يتخذ موقفا ، أيا كان ، ومن بين هذه التّناقضات نذكر إثنين رئيسيين :
أوّلا ـ وحدة ، وتنوع
حقيقة لا ريب فيها أنّه إذا كانت الأخلاق علما فيجب أن تبنى على أساس قوانين شاملة ، وضرورية ، لا أن تقوم على قضايا خاصة ، وممكنة.
وليس بأقل من ذلك صدقا أنّه إذا كانت الأخلاق علما معياريا ، موضوعه تنظيم النّشاط الإنساني فيجب أن تتناول الحياة في واقعها المحسوس. ولما كانت الحياة في جوهرها هي التّنوع ، والتّغير ، والجدة ، فسوف نجد أنفسنا إذن أمام التّتابع التّالي :
فإمّا أن يكون نموذج السّلوك الّذي يقدمه لنا هذا العلم قد جاء ليكون ثابتا وعاما.
وإمّا أن يكون قابلا للتنويع ، والتّعديل.
وفي حالة الفرض الأوّل سوف ترتد الإنسانية إلى نموذج وحيد متماثل مع نفسه دائما ، وسوف يختصر المكان إلى نقطة ، والزّمان إلى برهة ، وسوف تتوقف حركة الكون ، وسوف تمحى الحياة ذاتها ، لتحل محلها فكرة مجردة ، لا توجد إلا في تخيل عالم الأخلاق [Le moraliste].
ولو أننا ـ على العكس ـ أخذنا في أعتبارنا أنّ العمل المفرد يتصف بالتفرد ، ويستعصي على الإندماج في فكرة عامة ، وهو خاضع فقط لتأثير الزّمان ، واختلاف المكان ـ فلن يكون هناك مجال للحديث عن قاعدة ، أو قانون ، أو علم .. فما ذا تكون في الواقع قاعدة مصيرها إلى الموت بمجرد تخلقها؟ وما