المسيحية كثيرا؟
وما رأي «كانت» نفسه في هذا؟
هكذا تبطل المقابلة بين العام ، والأخلاقي ، في وجهها المزدوج ، الإيجابي والسّلبي ، وليس يغض من صدق هذا القول أنّ هناك علاقة ضرورية بين الملزم ، والعام ، وهي علاقة من طرف واحد ، سوف نتولى بعد قليل بيان معناها ، وأهميتها.
المرحلة الثّانية :
بيد أنّ «كانت» لا يقتصر على تقرير عمومية واجباتنا ، كواقع حسّي ، وتجريبي ، وإحتمالي. وهو لا يكتفي كذلك بنصف تجريد ، يجعل من العقل الإنساني قوة للقانون العام .. إنّه يمضي إلى أبعد من ذلك كثيرا ليصل إلى الجوهر الحقيقي للعقل العملي في ذاته ، وهو يقدم لنا القانون الأساسي لهذا العقل المحض ، على أنّه مطلب لا غنى عنه ، ليس لقاعدة أو أخرى «محددة للقيام بأعمال معينه» (١) فحسب ، بل لتشريع شامل عموما. ويؤكد لنا أنّ قانونا بهذا الشّكل ، وبهذه الشّمولية البالغة التّجريد ـ هو الّذي يحقق الصّفة الجوهرية للقانون الأخلاقي ، ولا يمكن مطلقا أن تكون له صفات أخرى إذا أريد للواجب ألّا يكون «مفهوما وهميا».
ويقول لنا «كانت» : إنّه لم يصل إلى مذهبه الشّكلي عن طريق حاجة فلسفية إلى التّجريد ، أو تقليدا للشكلية المنطقية لدى أرسطو ، وإنّما على أساس إعتبارات أخلاقية ذات أهمية بالغة ، وعن طريق منطق الأخلاقية ذاته ؛ لأنّه ـ
__________________
(١) أنظر ، ١ ـ Kant : Fondement.p.٣٠١