خاتمة
وضح لنا إذن وضوحا كاملا أنّ كلتا النّظريتين لا تظهر من الحقيقة الأخلاقية سوى جانب واحد ، وفضلا عن ذلك يكمن نقصهما المشترك في تعصبهما ، وترافضهما ، أكثر مما يكمن في جانبهما الإيجابي.
وهكذا حدث للفلسفة العملية ما حدث لنظرية المعرفة ، فالمثالية ، والواقعية ، والعقلية التّجريبية ، وجماعات أخرى فلسفية كثيرة ، لم يكن تعارضها إلا لأنّ كلا منها يركز من جانبه على شرط ضروري للمعرفة الإنسانية ، معتبرا أنّه هو الشّرط الكافي ، والسّبب الكلّي ، على حين أنّه ليس سوى عنصر واحد بين عناصر أخرى كثيرة.
والواقع أنّه ، لا المفهوم المنطقي ، ولا القانون العملي ، ولا مجموع المفاهيم والقوانين المعروفة ـ بقادرة مطلقا على أن تؤلف ، وتستنفد الموضوع المحسوس ، الّذي هو نقطة إلتّقائها ، ولكنه يتجاوزها بلا حدود ، هذا من ناحية.
بيد أنّه من ناحية أخرى يظل كلّ موضوع واقعي أجنبيا تماما ، وغير قابل للتمثل ، ما لم يوضع في أشكال عقلنا وقوانينه.