بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدّمة المحقق
علم الأخلاق ، أو ما يسمى بعلم القلب ، هو أحد افراد العلوم ، بل هو أصلها ، واساسها الّذي عليه مدارها ، بل هو رأيها ، وهو الممدوح في الآيات ، والرّوايات ، فقد قال تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (١) وقال تعالى (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (٢) ، فإنّ الخشية ، والأنذار إنّما يترتب على علوم الآخرة لأنّ علم الأخلاق هو تحلية النّفس بالفضائل ، وتخليتها من الرّذائل ، ومراقبة النّفس ، ومحاسبتها ، زيادة على ما يتوقّف عليه تحصيل الأخلاق الواجبة ، فمزاولة علم الأخلاق هو العلاج النّفسي ، وهو الّذي يتكفل بدواء الرّوح ؛ ولذا شرفه بعض الحكماء على علم الطّب الّذي وضع لعلاج أمراض البدن ، فكما أنّ العقل يحكم بلزوم علاج أمراض البدن ، وحفظه عن الهلاك ، فكذلك يحكم بلزوم علاج أمراض النّفس ـ أي القلب ـ وحفظ سلامته بطريق أولى ؛ لأنّه هو
__________________
(١) فاطر : ٢٨.
(٢) التّوبة : ١٢٢.