والأمر الجوهري بالنسبة لي ، كمؤمن ، هو أن أبذل جهدي في حال الإلتباس ، وأن أميز ، وأتبع ، بأمانة وإخلاص ، ما يمكن أن يكون من أمر الله ، تبعا لمجموع تعاليمه. ولو كان الحل الّذي إجتهدت فيه وأخترته منحرفا ، فلن أكون آثما ، متى ما بذلت جهدي الضّروري ، الّذي يصدر عني ، لإضاءة طريقي ، والله يقول : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) (١).
فأما أنّ كلّ فرد في الحالات المشتبهة ، ملزم بأن يرجع إلى ضميره ، ويلتزم بإجابته بطريقة معينة ، فذلك هو ما قاله لنا الرّسول صلىاللهعليهوآله ، متسوحيا من القرآن (٢) ، في كلمات معروفة ، منها : (الحلال بيّن ، والحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات ، فمن أتقى الشّبهات فقد استبرأ لدينه ، وعرضه) (٣). «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فإنّ الصّدق طمأنينة ، والكذب ريبة) (٤). وحين يسأل النّبي عن معنى
__________________
(١) الأحزاب : ٥.
(٢) في قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً ،) الإسراء : ٣٦.
(٣) انظر ، صحيح البخاري : ٢ / ٧٢٣ ح ١٩٤٦ ، منته المطلب : ٢ / ١٠٢٦ ، التّرغيب والتّرهيب : ٢ / ٣٥٠ ح ٢٦٨١ ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري : ٤ / ٢٩١ ح ١٩٤٦ ، شرح النّووي على صحيح مسلم : ١١ / ٢٧ ، الفصول المختارة : ٢٠٧ ، بحار الأنوار : ١٠٤ / ١٠٩ ح ٥ ، كشف الخفاء : ١ / ٤٣٨ ح ١١٦٧ ، معرفة علوم الحديث : ١ / ٢٥١ ، المجموع : ٩ / ٣٤٣ ، المدونة الكبرى : ٣ / ٤٤١ ، مسند أحمد : ٤ / ٢٦٩.
(٤) انظر ، صحيح البخاري : ٢ / ٧٢٤ ح ١٩٤٦ ، الإنتصار للشريف المرتضى : ٢٦٣ ، النّاصريات : ١٣٩ ، سنن التّرمذي : ٤ / ٦٦٨ ح ٢٥١٨ ، صحيح ابن حبان : ٢ / ٤٩٨ ح ٧٢٢ ، سنن الدّارمي : ٢ / ٣١٩ ح ٢٥٣١ ، سنن البيهقي الكبرى : ٥ / ٣٥٥ ح ١٠٦٠١ ، الوسائل : ٨ / ١٢٢ ، كشف الرّموز للفاضل الآبي : ١ / ٢١٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة الكوفي : ١ / ١١٧ ح ١٣٣٦ ، مسند أحمد : ١ / ٢٠٠ ح ١٧٢٣ ، منته المطلب للعلّامة الحلي : ٢ / ١٠٢٦.