خيرا من تلك الكلمة المعروفة الّتي شبه فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم كلّ فرد من بعض وجوهه بالحارس ، أو المدير المسئول عن خير العاملين معه : «كلّكم راع ، وكلّكم مسئول عن رعيته ، الإمام راع ومسئول عن رعيته ، والرّجل راع في أهله ومسئول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها ، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته» (١) فكلّ فرد في مجاله مسئول عن حسن سير الأمور ، العامّة ، والخاصة ، الّتي وكلّت إليه.
بيد أنّه إذا كانت المسؤولية الأخلاقية شاملة ، فهي مع ذلك ، ليست خالية من الشّروط ، فما تكون إذن شروطها؟ .. يقدم القرآن هذه الشّروط بتفاصيلها ، وهي الّتي سوف نخصص لها الفقرة التّالية :
٢ ـ شروط المسئولية الأخلاقية والدّينية :
أ ـ الطّابع الشّخصي للمسئولية.
أوّل ما يجب ذكره هو أنّ المسئولية الأخلاقية ، والدّينية شخصية محضة. ولسوف يكون من باب الإطالة أن نذكر جميع النّصوص القرآنية الّتي تقر هذا المبدأ الأساسي ، ولذا نجتزىء بعضها ، وهي الّتي تنص على هذه الحقيقة في ألفاظ تامة الوضوح ، قوله تعالى في آيات :
منها : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) (٢).
__________________
(١) انظر ، صحيح البخاري : ٢ / ٨٤٨ ح ٢٢٧٨ وص : ٩٠١ ح ٢٤١٦ وص : ٩٠٢ ح ٢٤١٩ و : ٣ / ١٠١٠ ح ٢٦٠٠ و : ٥ / ١٩٨٨ ح ٤٨٩٢ وص : ١٩٩٦ ح ٤٩٠٤ و : ٦ / ٢٦١١ ح ٦٧١٩ ، صحيح ابن حبان : ١٠ / ٣٤٢ ح ٤٤٨٩ ، سنن التّرمذي : ٤ / ٢٠٨ ح ١٧٠٥ ، مجمع الزّوائد : ٥ / ٢٠٧ ، منية المريد للشهيد الثّاني : ٣٨١ ، بحار الأنوار : ٧٢ / ٣٨ ، تفسير القرطبي : ٥ / ٢٥٨ ، صحيح مسلم : ٣ / ١٤٥٩ ح ١٨٢٩.
(٢) البقرة : ٢٨٦.