الّذي هو التّعليم الموحى ، أو غير الموحى. فكل قرار ، حسنا كان ، أو قبيحا ، هو أشبه بعملية إنفاق من ذلكم الكنز العظيم الّذي أودعه الخالق رهن تصرفنا في الفطرة ، جوانية ، وبرانية ، والإتفاق على هذا الكلام أيضا إجماعي.
ولكن ألّا توجد ، فضلا عن هذا الجهاز العام الّذي جعله الخالق في متناول كلّ إنسان ـ مساعدة خاصة يمنحها الله لبعض العباد ، ويحرم منها الآخرين؟ وهل يتمتع الطّيبون ، والصّالحون ، والمصطفون من بين النّاس بإمتياز ، أو مساعدة مكملة لإختيارهم الحسن ، على حين ترك الآخرون لمواردهم العامة؟ هنا يبدأ النّقاش بين أهل السّنة الذين يثبتون هذه المساعدة ، والقدرية (معتزلة ، وشيعة) الذين ينكرونها مطلقا. ويرى هؤلاء الأخيرون أنّ مثل هذا الإمتياز سوف لا يكون متفقا مع العدالة الإلهية ، إذ لما ذا نزن بوزنين؟ فكلّ ما يلزم للحكم الصّحيح ، والإتجاه الصّائب يجب أن يكون ، في وسع كلّ فرد ، وعلى كلّ فرد أن ينظم هذه الثّروة المشتركة ، وأن يستغلها إلى أقصى حدّ ، تحت مسئوليته الكاملة ، ولخيره ، أو شرّه.
هذه الطّريقة في النّظر لها أساس من الحقّ ، والواقع أننا لكي نصون عدالة السّماء ، يبدو لازما أن نقرر حدا أدنى من القدرة الإنسانية ، الضّرورية ، والكافية لأداء واجبنا ، وإثبات مسئوليتنا على أن يكون ذلك الحد الأدنى شاملا ، وموزعا على سواء. ولكن لما ذا نقف ضد البداهة باسم هذا المبدأ العام ، وندعي أنّ الخالق قد خلق كلّ النّاس في نفس الظّروف المناسبة كيما يريدوا الخير ، ويقصدوا إلى الحقّ؟