لدى عباده ، في اللحظات الحاسمة ، لكي يصرف عنهم الإغراءات السّيئة : (فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَ) (١) ؛ وحتّى يجنبهم السّقوط في الفاحشة : (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) (٢) ، ولكي يقوي إرادتهم المترددة : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) (٣). في هذه اللحظات الصّعبة يفجر الله في أعينهم نورا باهرا يحمل إليهم مزيدا من الوضوح : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) (٤) ، فهو يزرع الثّبات في القلب : (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (٥) ، (لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٦) ، ويجعل الإيمان أجمل في أعينهم ، وأحبّ إلى قلوبهم : (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٧) ، ويكره إليهم (الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) (٨).
وقد لجأ المعتزلة لتفسير هذه النّصوص إلى وسائل متعسفة ، ومتعثرة ، لأنّه إمّا أن يكون هذا التّخصيص لا يعني شيئا ، أو أنّه يعني أنّ العناية الخاصة الّتي يكلأ الله بها أصفياءه ليست هي نفسها ، بل هي شيء آخر يختلف كما ، وكيفا عن تلك
__________________
(١) يوسف : ٣٤.
(٢) يوسف : ٢٤.
(٣) الإسراء : ٧٤.
(٤) يوسف : ٢٤.
(٥) الفتح : ٢٦.
(٦) القصص ٢ : ١٠.
(٧) الحجرات : ٧.
(٨) الحجرات : ٧.