الوسائل العامة الّتي يتخذها ليعلم النّاس جميعا واجباتهم ، ويجعلها ميسرة بالنسبة إليهم.
وشبيه بهذا موقفك من رجلين يسألانك عن الطّريق ، فتعطي لأحدهما بيانا بالطريق ليتبعه ، وتركب الآخر في سيارتك. وكما قيل في الإنجيل : «إنّ كثيرين يدعون ، وقليلين ينتخبون» (١) ، فنحن نقرأ في القرآن أنّ الدّعوة إلى دار السّلام عامة ، ولكن الهدى مقصور على أولئك الذين يشاء الله هم الهدى : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢).
من أجل هذا عرفت الأنفس الكبيرة في كلّ زمان أنّ كلّ ما تفعله من الحسن ومن الأحسن ، فهو من فضل الله ، وأنّ عليها أن تلجأ دائما إلى مساعدته حقّ يثبتها على هذه الطّريق. وانظروا إلى موقف إبراهيم ، وإسماعيل ، وسليمان ، وعيسى ، وموقف أولئك الرّاسخين في العلم ، إبراهيم ، وإسماعيل يقولان : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) (٣) ، و (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) (٤) ، وسليمان يقول : (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَ) (٥) ، وعيسى يقول : (وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) (٦) ، والرّاسخون في العلم يقولون : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ
__________________
(١) إنجيل متى ، الإصحاح : ٢٢ ، جملة ١٤.
(٢) يونس : ٢٥.
(٣) البقرة : ١٢٨.
(٤) إبراهيم : ٤٠.
(٥) النّمل : ١٩.
(٦) مريم : ٣٢.