أمّا في أقدم القوانين الرّومانية (قانون الألواح الإثني عشر) فإنّ الضّحية ، الّذي يبتر له عضو من أعضائه ، على إثر جناية غير متعمدة ، كان يستطيع أن يجري القصاص ، إذا لم يقبل (١) الدّية.
وفي القانون الصّيني كان القاتل بطريق السّهو ، أو الصّدفة يعاقب بالجلد مئة جلدة ، وبالنفي (٢).
وفي التّوراة عوقب القاتل غير العامد بنوع من النّفي ، ومن الممكن شرعا لصاحب الدّم أن يقتله لو أنّه غادر منفاه قبل المدة المحددة (٣).
وفي القانون الكنسي كانت الكفارات القاسية تفرض خلال سنوات كثيرة للتكفير عن خطايا لا إدارية ، أرتكبت بسبب الجهل (٤).
وفي إنجلترا ، حتّى أوائل القرن التّاسع عشر ـ لم يكن القاتل غير المتعمد يفلت من الإدانة ـ علاوة على مصادرة أمواله ـ إلّا بفضل رحمة الأمير ، ويبرز هذا الوضع الأخير أيضا في القانون الفرنسي القديم (٥).
بيد أننا حين نستعرض دراسة على هذا القدر من الرّحابة (لا نهتم بتحديد زمني ، أو جغرافي ، أو عنصري) ـ تبدو لنا ملاحظة تفرض نفسها علينا ، فنتساءل : ما الفكرة الّتي سيطرت على هذا الإختيار للوثائق؟ .. ولما ذا كان الإختيار لمجتمع دون آخر ، ولعصر دون آخر ، ولجزء من مقاطعة معينة دون
__________________
(١) انظر ، ١ ـ Fauconnet, La Responsabilite, Etude de Sociologie, P. ٣١١
(٢) انظر ، ١ ـ Fauconnet, La Responsabilite, Etude de Sociologie, P. ٠٣١
(٣) انظر ، ١ ـ Fauconnet, La Responsabilite, Etude de Sociologie, P. ٧٠١
(٤) انظر ، ١ ـ Fauconnet, La Responsabilite, Etude de Sociologie, P. ٣٣١
(٥) انظر ، ١ ـ Fauconnet, La Responsabilite, Etude de Sociologie, P. ٥٣١