آخر؟. وهل كان من عمل الصّدفة أن نختار فارس ، لا مصر وجزيرة العرب مثلا؟ ... ولما ذا إختيرت الهند البرهمية ، دون غيرها؟ ..
ويجيب المؤلف في مقدمته أنّه حدد حقل ملاحظاته ، بحيث لا يشمل سوى مجتمعات أمكنه بالنسبة إليها أن يؤيد الأحداث بالوثائق المؤكدة.
ولكن ، هل نحن أكثر إطمئنانا لوثائقنا عن القواعد العرفية لقبائل إفريقية الشّمالية منا عن النّظم المكتوبة لمواطنيهم؟. وعن القبائل الإسترالية منا عن جيرانهم في جزر الهند الشّرقية (أندونيسيا)؟ ، وعن «الأفستا» أو «الفيدا» ، أو قانون حمورابي منا عن القرآن؟. والحقّ أننا مندهشون مما حدث ، من أن المؤلف على طول مسيرته من الصّين إلى مراكش ، ومنذ القرن السّابع حتّى الآن ، قد سار في كلّ خطوة بمحاذاة مجتمعات إسلامية ، دون أن يقف عندها ، فكان كلّ همه أن يدور حولها ، ويتجاوزها. ومع ذلك ، فإنّ دراسة هذه المجتمعات ، الّتي لا تمثل عددا يمكن تجاهله على سطح الكرة الأرضية ، لا تحمل كثيرا من الصّعوبات ، أو التّعقيدات ، إنّهم عدة مئات من ملايين النّاس ، لديهم توافق معين فيما يتعلق بقانونهم الأساسي ، ويعيشون تحت أعيننا ، وقد عقدت أوربا معهم علاقات إقتصادية ، وسياسية دائمة.
وربما كان فوكونيه [Fauconnet] شخصيا على جهل بما يأمر به الشّرع الإسلامي في هذا الموضوع ، على الرّغم من أنّه أشار إليه إشارة غير مباشرة (١).
وقليلا ما يهمنا أن نعرف الدّافع الّذي حتم هذا الإغفال المقصود ، لكنا نلاحظ فحسب أنّ النّقص الخطير الّذي نشأ عن هذا الأغفال يقدم إلينا النّتيجتين اللتين
__________________
(١) انظر ، ١ ـ Fauconnet, La Responsabilite, Etude de Sociologie,. ٢٢١ هامش : ١.