من ذلك في تفسير هذه النّصوص ، فهي تتجه لا إلى تخليص هذه الكائنات من العقوبة المؤلمة فحسب ، ولكن أيضا إلى إعفاء مالك الحيوان من كلّ غرم على سبيل الجزاء ، وكذلك من يحملون همّ الأطفال ، والمعتوهين (١).
ومن ناحية أخرى ، نجد أنّ تعميم صيغة فوكونيه الثّانية ـ على الرّغم من كلّ القيود الّتي أوردها ـ يبدو منهارا أمام الشّرع القرآني ، لأنّ القرآن حين يأمر بالدية ، والكفارة في حالة القتل الخطأ ـ إنّما يحمي القاتل الّذي لا إرادة له من أية عقوبة بدنية.
وبصرف النّظر عن القانون الرّوماني ، الّذي يبدو أن تطوره قد تحقق في هذا الإتجاء ، ألم يكن من الواجب على الأقل أن يستثني المؤلف ذلك النّظام الإسلامي الّذي استبعد بضربة واحدة ، وبدون تردد ، أو تحرج ، جميع الضّلالات المذكورة حول المسئولية العقابية؟.
إنّ صياغة هذا التّحفظ حول نتيجتي فوكونية ، المعممتين ـ معناه في نفس الوقت أننا نعترف للشريعة الإسلامية بصفتها الثّورية ، الّتي لا تدع نفسها للتفسير الطّبيعي بوساطة السّوابق التّأريخية ، أللهمّ إلّا إذا افترضنا بلا داع في التّأريخ العربي القديم ، الّذي لا ندري عنه شيئا ـ تطورا معينا ، كان الإسلام غايته : وهو ما يؤدي إلى تلك المناقضة القائلة بأنّ الصّحراء العربية كانت متميزة بالطبيعة ، وأنّها بدأت ، وأنهت تقدمها الإجتماعي قبل الأوان ، متقدمة في ذلك على بقية أجزاء الكرة الأرضية.
__________________
(١) انظر : ٢٩٦.