يدعم ، ويفخم المسئولية المقررة من قبل (١).
فهل نجد ما يقابل ذلك في الإسلام؟. وهل يمكن الحدث الموضوعي الخالص أن يستتبع العقوبة؟. لا شك أنّ الحكم العقابي ـ كما رأينا من قبل يحتاج دائما أن يستند إلى عمل الإرادة المضاد للقانون ، كيما يسوغ صفته الجزائية. ولكن هل لنا أن نفحص الأمر بنظرة أكثر دقة؟ حينئذ سنجد أنّ القاضي عند ما يستند إلى العنصر الشّخصي بإعتباره شرطا ضروريا للإدانة فإنّه لا يفعل في الواقع سوى أن يفترض سوء النّيّة لدى المتهم ، مستنبطا إياه من بعض الإمارات الخارجية ، ومتخذا لنفسه دائما وجهة نظر موضوعية ، ذلك أنّ القاضي ، حتّى لو كان رسولا ، لا يدعي مطلقا أنّه يدرك أسرار الضّمير مباشرة ، وهذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّما أنا بشر ، وإنّكم تختصمون إليّ ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، فأقضي نحو ما أسمع ، فمن قضيت له بحقّ أخيه شيئا فلا يأخذه ، فإنّما
__________________
(١) لنذكر هنا فقط أنّه في مجال الجزاء الإلهي يبدو أنّ الأخلاق الإسلامية تفرق هنا بين الفعل الحسن ، والفعل القبيح ، فعلى حين يزيد تنفيذ الإرادة الطّيبة في أجرها ، ويضاعف لها المكافأة ، نجد أنّ تخطي الخطيئة لا تعدان عند الله سوى وجهين لعمل واحد فقط ، قال تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) الأنعام : ١٦٠. وروى البخاري : ٧ / ١٨٧ «فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة ، ومن همّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه». وانظر أيضا في تفسير هذا الحديث ـ إحياء علوم الدّين ـ للغزالي : ٣ / ٣٩ وما بعدها ، الكافي : ٢ / ٢٧٢ ح ١٧ ، تفسير القرطبي : ١ / ٤٨٤ ، صحيح مسلم : ١ / ١١٧ ح ١٢٨ ، صحيح ابن حبان : ١٤ / ٤٥ ، تفسير ابن كثير : ١ / ١٥٣ ، المصنّف لابن أبي شيبة : ٧ / ٣٣٤ ، المعجم الأوسط : ٤ / ٣٤٥ ح ٤٣٩٠ ، مسند أحمد : ٣ / ١٤٨ ح ١٢٥٢٧ ، بحار الأنوار : ٧٠ / ٣٣١ ح ١٤ ، مسند الشّاميين : ١ / ٨٧ ، مسند أبي يعلى : ٦ / ٢١٨ ، المعجم الكبير : ٤ / ٢٠٦ ح ٤١٥٢ ، فتح الباري : ٧ / ٢١٦ ، شرح النّووي على صحيح مسلم : ٢ / ١٥١ ، الدّيباج : ١ / ١٤٥ ح ١٣٠ ، عدة الدّاعي لابن فهد الحلي : ١٩٨.