الفصل الثّالث :
الجزاء
تتمثل العلاقة بين الإنسان ، والقانون لأعيننا في شكل حركة إقبال ، وإدبار ، مكونة من ثلاثة أزمنة ، ولقد كنا مع فكرة الإلزام ما نزال في نقطة البداية ، ولكنا مع فكرة الجزاء ، نجد أنّ دائرة هذه العلاقة الجدلية سوف تقفل ، فهي الوحدة الأخيرة في ثالوث ، وهي أشبه بالكلمة الأخيرة في حوار.
فالقانون يبدأ بأن يوجه دعوته إلى إرادتنا الطّيبة : فهو «يلزمنا» بأن نستجيب لتلك الدّعوة ، وبعد ذلك ، وبمجرد ما نجيب بكلمة (نعم) أو (لا) ـ نتحمل بذلك «مسئوليتنا» ، وأخيرا ، وعلى إثر هذه الإستجابة يقوّم القانون موقفنا حياله ، فهو يجازيه.
فالجزاء إذن هو رد فعل القانون على موقف الأشخاص الخاضعين لهذا القانون ، وقد رأينا أنّ القانون الأخلاقي ، مطلب لا يقاوم لأنفسنا ، وفرض صارم لضميرنا الجماعي ، وهو في الوقت نفسه أمر مقدس لضمير الفرد في أكمل صورة وأقدسها ، فمن هنا كان هذا الشّكل المثلث للمسئولية ، الّتي فرغنا من بحثها.