والشّرع أشبه بقنطرة بين شاطئين ، نحن نقطة بدايته ، ونقطة نهايته ، أو هو أشبه بسلم درجاته مستقرة على الأرض ، ولكن يعد من يريدون تسلقه أن يرفعهم إلى السّماء. ولقبس من القرآن صورته الدّيناميكية ، فهذا أفضل من تلك الصّور السّاكنة ، والميكانيكية ، فالقرآن في رمزين مشهورين يشبه الحقّ ، والباطل بشجرتين ، فيقول : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) (١) ـ هذا التّشبيه ينطبق على الصّدق ، والكذب العمليين ، كما ينطبق عليهما نظريين ، فالفضيلة المؤثرة خصبة نافعة ، تنمي قيمتنا ، وترفعنا من عال إلى أعلى ، والرّذيلة قبيحة ، وبلا غد ، تجعلنا سطحيين ، مبتذلين ، بل إنّها تنزعنا من الإنسانية.
هل نريد بعض أمثلة ، مما ساقه القرآن ، وأثبت به أنّ ممارسة الخير ، والشّر في مختلف صورهما تحدث أثرها في النّفس الإنسانية؟. ها هي ذي عينة :
محاسن الفضيلة :
١ ـ الصّلاة : وهي بالنسبة إلى أولئك الّذين يؤدونها بروحها ذات وظيفتين أخلاقيتين : فهي لا تقتصر على كونها : (تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) ، ولكن (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) (٢) ، فهي تجعلنا روحيا على إتصال بالمنبع الشّامل لجميع
__________________
(١) إبراهيم : ٢٤ ـ ٢٦.
(٢) العنكبوت : ٤٥.