الذكاء. إنّ إضطراب الهوى يصدىء مرآة الفكر ، ويشوه إدراكها للحقيقة : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (١) ، على حين أنّ التّوازن النّاشىء عن الصّلاح يجعل الإنسان قادرا على تمييز الحقّ ، والباطل ، والخير ، والشّر : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) (٢).
٤ ـ النّفس بأكملها : وهكذا تتلقى كلّ قوة من قوانا نصيبها من الجزاء الأخلاقي ، فنفسنا بأكملها إذن هي الّتي نعمل على أن ننقذها ، ونكملها ، أو نضللها ، ونجردها : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) (٣).
ولكي نقول ذلك كلّه في كلمة واحدة : إنّ الجزاء الأخلاقي الثّوابي يتمثل في الحسنة ، والسّيئة ، أي في كسب القيمة ، أو خسارتها : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ـ كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) (٤).
٢ ـ الجزاء القانوني :
حين ننتقل من النّاحية الأخلاقية إلى النّاحية القانونية ، يكون الجزاء الثّوابي قد فقد نصف معناه ، فهو لا يحتفظ من طابعه المزدوج ، الثّوابي والعقابي ، سوى بالطابع الثّاني. والجزاء [Sanction] هنا يعني أساسا (العقوبة) بالمعنى الواسع
__________________
(١) المطففين : ١٤.
(٢) الأنفال : ٢٩.
(٣) الشّمس : ٧ ـ ١٠.
(٤) المطففين : ٧ و ١٨.