فلا يجد النّظام أمامه عقبات كبيرة يتعين عليه إجتيازها كيما يسيطر سيطرة كاملة.
وما علينا لكي نقتنع بهذا إلّا أن نرجع إلى السّجلات القضائية في البلاد الّتي تعاقب على السّرقة بالغرامة ، والتّعويض ، أو الحبس ، وفي بلد آخر كالعربية السّعودية ، حيث ما زال الجزاء القرآني معمولا به ، هنالك سوف نجد أعدادا لا حصر لها من الرّجال الّذين لا يرجى صلاحهم ، وهنا يكاد النّاس يكونون معصومين. ولربما قيل : إنّه فرق في الطّبيعة ، ولقد زرت بنفسي الحجاز ؛ في أوائل عام (١٩٣٦ م) ؛ فأذهلني أنّي حيثما وجّهت وجدت تباينا كاملا بين بلادنا وهذا البلد ، فإنّ السّرقة لم تختف من المدن فحسب ، بل أنّها لم تلحظ حتّى في الجبل ، والصّحراء ، بل لم يشك في حدوثها ، أو يظن. حتّى إنّ حقيبة ضائعة ملقاة على الطّريق غير المأهولة ، والّتي لا يمكن أن تصبح مأهولة ، يحتمل أن تبقى في مكانها إلى ما لا نهاية ، دون أن بجرؤ أمرؤ على لمسها ، ولو بدافع الفضول. ومع ذلك فكلّ شيء هنالك كان يغري بها : الفقر المدقع بين سكان الجبال ، وثراء السّياح ، والحجاج ، وندرة وسائل المواصلات ، وعدم وجود الشّرطة ، تقريبا ، على مسافة بعيدة. ولكن كان حسب ابن سعود ، في مستهل أرتقائه السّلطة ، بضعة أمثلة واعظة ، وإن كانت عنيفة ، حتّى يقضي مرة واحدة ، وفي كلّ مكان على كلّ محاولة للسرقة ، والإختلاس في مملكته الواسعة ، وكأنّما كانت معجزة.
ويبقى بعد ذلك أنّه على الرّغم من فداحة الجرم الّذي اقترفه الزّاني ، فإنّ الطّريقة الّتي قصدت السّنة أن تعاقبه بها لا تفتأ ترعونا ، وهي رجم كائن إنساني