وكأنّه كلب مسعور!!.
ومع ذلك ، إنّ بضعة ملاحظات هنا من شأنها أن تخفف هذه الصّفة الّتي تصدمنا. ذلك أنّ القرآن من أوّل وهلة قد أحاط تشريع هتك العرض بعامة بعدة إحتياطات تجعل إثبات الجريمة أمرا في غاية العسر ، إن لم يكن مستحيلا من النّاحية العملية. فالمبلّغ الّذي لا يعتمد في تبليغه على شهادة أربعة رجال عدول صادقين ، يشهدون ، لا على معاشرة امرأة لرجل أجنبي في حجرة واحدة فحسب ، بل على وصف الواقع المحدد ـ هذا المبلغ ما لم يكن كذلك يعاقب هو نفسه بثمانين جلدة ، بتهمة البلاغ الكاذب.
ثمّ تردّ منذئذ شهادته أمام القضاء ، والله يقول : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (١).
كذلك لسنا نجد في السّنة مثالا واحد قامت فيه الإدانة بالزنا على الشّهادة ، بل إنّ الحكم صدر على أساس من الإقرار التّلقائي للمذنب نفسه.
وحتّى هذا الإقرار التّلقائي ـ وهو النّقطة الثّانية ـ لا يكفي في ذاته لكي يفرض إدانة ، بل يجب التّأكد من أنّ المعترف يدرك تماما ما يقول (أعني أنّ الأمر بالنسبة إليه لا يعني مطلقا تعبيرا مجازيا. زنا بالقلب ، أو بالعين .. إلخ أو فعلا زوجيا محرما في لحظة معينه ، كفترة الصّوم مثلا ..) ويجب أيضا أن يصر على هذا الإقرار حتّى النّهاية ، وألا يكذبه مطلقا بإنكار لا حق ، صريح ، أو ضمني.
__________________
(١) النّور : ٤.