على إستخراج المفهوم القرآني في هذا الموضوع ، بما يتميز به من تركيب وغناء. «طرق التّوجيه الكتابية»
ولنرجع أوّلا إلى العهد القديم ، ولننظر نوع العقوبات ، والمكافآت الّتي أقرت فيه جزاء على الوصايا الإلهية (١) ، ولننح جانبا بعض الفقرات النّادرة جدا ، والّتي نجد فيها إشارة إلى الخير الأخلاقي لذاته ، ثمّ ننظر إلى الكيفية الّتي كان بها تعليل الأوامر :
فحين توجه الله سبحانه إلى الأسرة الإنسانية الأولى بشأن الفاكهة المحرمة ، قال : «وأمّا ثمر الشّجرة الّتي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ، ولا تمساه ، لئلا تموتا» (٢) ، وحين خاطب ولدها الأكبر قابيل قاتل أخيه هابيل قال : «فالآن ملعون أنت من الأرض ... متى عملت الأرض لا تعود تعطيك قوتها» (٣).
وعند ما فسدت الأرض بعد ذلك بحين من الدّهر فعوقبت بالطوفان بارك الله نوحا وبنيه ، فقال : «أثمروا وأكثروا ، وأملأوا الأرض» (٤).
وهل قوبل إذعان إبراهيم للإرادة الإلهية بغير الخيرات الأرضية على سبيل
__________________
(١) في مثل : «وإنّه يكون لنا برّ إذا حفظنا جميع هذه الوصايا ..» (سفر التّثنية إصحاح : ٦ ـ جملة ٢٥). ومثل : «إحترز من أنّ تسوء عينك بأخيك الفقير. فتكون عليك خطية» (سفر التّثنية ـ إصحاح ١٥ ـ جملة ٩).
(٢) التّكوين ـ الإصحاح الثّالث ، جملة : ٣ ، وقارن ذلك بما ورد في القرآن ، البقرة : ٣٥ والأعراف : ١٩ من قوله تعالى : (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ.)
(٣) المرجع السّابق : ٤ / ١١ ـ ١٢.
(٤) المرجع السّابق : ٩ / ١.