النّاظر الّذي يعي خطورة حالهم قد يخشى عليهم العقاب ، أمّا بالنسبة لهم ، فهل يوجد هناك شيء آخر سوى إثبات عقوقهم؟ ... سوى نوع من الحكم المسبق؟ سوى أمارة تشعر بإدانتهم الفعلية؟ ..
نعم ، فليس من الممكن أن يتوجه تحذير من هذا النّوع إلى الجاحدين من أجل منفعتهم المباشرة ، وإنّما هي دعوة موجهة من بعيد إلى الإنسان العاقل المستكن فيهم ، فربما أدى إدمان الطّرق إلى أن ينفتح الباب ، أن تنطلق الرّوح ، أن يبعث الميت. أمّا الآن ، فذلك موضوع من موضوعات التّفكر يقدم إليهم ، فإن كانت لديهم فرصة للتفكير فسوف يرون بلا ريب فيه نذيرا بالطامة الكبرى الّتي تنتظرهم ، والّتي يدل كلّ شيء على وقوعها. ما هي طبيعة هذه الطّامة؟ ومتى تقع؟ وكيف؟. لم يذكر شيء في هذا الشّأن حتّى الآن.
وهكذا تنتهي المنطقة الوسيطة (ـ ٢٠ آ و ٦٢ ب).
وبهذه المرحلة الأخيرة نصبح على عتبة الجزاء بالمعنى الصّحيح.
جـ : «إعتبارات النّتائج المترتبة على العمل»
نتائج طبيعية : إذا نظرنا إلى هذه المجموعة الأخيرة نلاحظ أوّلا قلة نسبية في النّصوص الّتي تهتم بما نطلق عليه عموما : «الجزاءات الطّبيعية» : أي النّتائج النّافعة ، أو الضّارة الّتي تصدر في الأحوال العادية دائما عن سلوكنا الأخلاقي ، كالصحة ، والمرض في نظام حياتنا المادية ، دون تدخل ظاهر من الإرادة العليا الّتي تحكم الطّبيعة.
ولقد استطعنا في نسق هذه الأفكار أن نميز نوعين من الأسباب المسوغة :